الخميس، 11 يوليو 2013

ثغرات قانونية وحالات قصور في عقود التمويل بالبنوك الإسلامية

ثغرات قانونية وحالات قصور في عقود التمويل بالبنوك الإسلامية



القانوني خالد العقيل - الاقتصادية - الرياض
[align=justify]كشف خالد بن عقيل العقيل المحامي والخبير القانوني عن أن هناك ثغرات وحالات قصور في بعض عقود التمويل الإسلامي، لا سيما في الجانب المتعلق بالصياغة، وقال العقيل لـ ''الاقتصادية'' إن السبب في ذلك يعود إلى وجود ضعف في الصياغة القانونية الناجم عن غياب الرؤية وفهم البيئة القانونية للعمل المصرفي الإسلامي. وأضاف العقيل أن بعضاً من العقود يتضمن بنوداً أو شروطاً غير قابلة للتنفيذ أو التطبيق لدى المحاكم، وأنه اطلع على عقود تمويل إسلامية في دول الخليج ودول عربية وإسلامية وقارن بينها، ولاحظ أن بعضها فيه مخالفة شرعية والبعض الآخر من هذه العقود يصعب التحاكم والتنازع فيه، فضلاً عن وجود شروط مجحفة لا يعلمها العميل، فإلى تفاصيل الحوار:

قلت إن هناك ثغـرات وحالات من القصور في عقود التمويل في المصارف الإسلامية، فما أشكال هذه الثغرات ومدى تأثيرها في العميل؟

بالطبع، فإن المصرفية الإسلامية تستند إلى الجانب الشرعي في أعمالها للوصول إلى آلية يمكن من خلالها أن يحصل العميل على تمويل عن طريق أكثر من صيغة شرعية كالبيع أو الإجارة أو الشراكة دون أن يضطر إلى الاقتراض ويدفع فائدة لقاء هذا القرض، وعليه فإن عقود التمويل تعد ركنا أساسيا في العمل المصرفي، وهي العمود الفقري الرابط بين المؤسسة المالية من ناحية والعميل من ناحية أخرى في إطار أحكام الشريعة وجهات التحاكم القضائي، وعند الاطلاع على بعض عقود التمويل المختلفة بعد المقارنة بينها، لاحظت أن هذه العقود يشوبها كثير من الثغرات القانونية وفيها شيء من القصور، كما أن بعضها يتضمن نصوصاً متضاربة ومخالفة لطبيعة عمل هذه المؤسسات، والبعض الآخر من تلك النصوص فيه تناقض وتضارب، إضافة إلى وجود بعض الشروط ضمن هذه العقود لا يمكن تطبيقها من الناحية الواقعية، سواء كان ذلك لدى المحاكم أو لدى لجان التحكيم حال حدوث نزاع بين أطرافه.

إلى ماذا تعزو هذا الضعف في إعداد العقود وأين هي المكاتب الاستشارية والقانونية المعتمدة، وأين مؤسسات البحث والمؤتمرات، لماذا لم تتطرق لهذه الإشكالية؟

الضعف البادي على العقود يؤكد أن صياغتها لم تكن على المستوى المطلوب من الخبرة القانونية العالية الذي يتناسب مع أهمية هذه العقود، وربما يكون من أعد هذه العقود لا يجمع بين الأهلية القانونية والشرعية الكافية ولا يعرف البيئة القانونية الخاصة بتلك العقود وما يرتبط بها من تعاملات، وللأسف فإن الدراسات التي تتطرق لهذا الجانب قليلة جداً، وبعضها نظري وليس دراسة مقارنة أو تطبيقية لما هو موجود فعلا، فضلاً عن أن هذه الدراسات لا تولي اهتماماً كبيراً بالجوانب القانونية، وذلك من خلال صياغة عقود العملية المصرفية وضبط وتحديد آلية تنفيذها بشكل قانوني ومنظم، على عكس ما هو موجود من دراسات كثيرة جدا تغطي الجوانب المصرفية أو الجوانب الشرعية لعمليات التمويل المصرفي الإسلامي، كما أشير هنا إلى أن الأمر نفسه ينطبق على اللقاءات والمنشورات الورقية والبرامج المرئية والمسموعة والندوات والمؤتمرات المتعلقة بالتمويل الإسلامي، فإنها كذلك يقل ويـندر فيها دراسـة وتناول الجـوانـب القانونية في العقود المصرفية؛ وهناك كثير من المؤتمرات المهمة لم تتناول الجانب القانوني كمحور رئيس أسـوة بغيره من المحاور الشرعية والمصرفية والاقتصادية.

هل ترى أن هناك حاجة فعـلية لوجود جهات متخصصة لإعـداد وصياغة عقود التمويل الإسلامي ودراستها قبل التوقيع عليها؟

نعم هناك حاجة ماسة لكون هذا الأمر يتعلق بموضوع استراتيجي في عمل المصرفية الإسلامية، وهشاشة العقود ستكبد المصرفية الإسلامية مبالغ كبيرة لو كان هناك وعي قانوني لدى العملاء والمستفيدين، ولذلك فإن الحاجة مُلحّة جداً للاهتمام بهذا الأمر وتسليط الضوء على الجانب القانوني للعملية المصرفية من خلال دراسة وتحليل عقود التمويل المصرفي دراسة قانونية مهنية ودقيقة، وإبداء الملاحظات على تلك العقود وإعادة صياغتها صياغة قانونية سليمة، وتتوخى العدالة وتطبق أسسها بما يكفل مصالح الأطراف في عقود التمويل المصرفي الإسلامي، وكذلك الاهتمام بالجانب القانوني في كيفية وآلية تنفيذ هذه العقود وضمان حسن تطبيق نصوصها بما يجعل إتمام العملية المصرفية بشكل قانوني ابتداءً بصياغة العقود وانتهاءً بتنفيذ مضامينها.

ما مدى مراعاة الجانب القانوني في عقود التمويل الإسلامي الحالية من واقع خبرتك وتجربتك المهنية؟

دعـني أؤكد لك أنه من المؤسف حقا أن الدراسات القانونية حول العمليات المصرفية للبنوك الإسلامية من خلال الصيغ الشرعية المعتمدة كالمرابحة أو التورق أو الإيجار المنتهي بالتمليك أو الشراكة المنتهية بالتمليك وغيرها من صيغ التمويل الإسلامي السالفة الذكر، كانت قليلة جدا ولم يأخذ الجانب القانوني في العمليات المصرفية الأهمية والعناية التي يستحقها، كما أعطيت الأهمية والعناية لغيره من الجوانب الشرعية والمصرفية، لذا تبدو الحاجة ملحّة لإعطاء شيء من الاهتمام بالجوانب القانونية في عمليات التمويل المصرفية التي تقوم بها البنوك الإسلامية.

ما ملامح العقد القانوني ومواصفاته بالنسبة للتمويل الإسلامي؟

كما هو معلوم فإن المصرفية الإسلامية تقوم على البحث عـن صيغ للتمويل سـواء للشركات أو الأفـراد، حيث يكون هذا التمويل خالياً من الفوائد الربوية من جهة، ومن جهة ثانية يكون متوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية ومنسجماً مع ضوابطها وقيودها، وكما هو معلوم فإن هناك عـدة صيغ لعـقـود المصرفية الإسلامية للتمويل أهمها (المرابحة) و(التورق) و(الإيجار المنتهي بالتمليك) و(الشراكة المنتهية بالتمليك)، وإن لكل صيغة من هذه الصيغ طبيعتها الخاصة بها وطريقة العمل وآلية التنفيذ المتميزة بها عـن سواها، ولهذا فإن هناك أركاناً ثابتة للعقد، وهناك أركان خاصة حسب طبيعة التعاقد، وعليه فإن إسلامية المؤسسة يجب أن تعكس في مختلف تعاملاتها القانونية.

هل لك أن تستعـرض لنا أبرز حالات القصور والثغـرات القانونية في عقود التمويل الإسلامي؟

بالطبع فإن المجال لا يتسع للإحاطة بكل تلك الشوائب والثغرات القانونية في عقود التمويل الإسلامي على اختلاف أنواعها، ولكن يمكنني تسليط الضوء على عينة ونموذج من ذلك وهو عقد المرابحة باعتبار المرابحة إحدى صيغ التمويل الإسلامي، فهناك قصور في الرقابة القانونية على عقود المرابحة من حيث الإعـداد والصياغة ومراعاة مصالح الأطراف وحتى من خلال التطبيق العملي لتلك العقود، إذ لا توجد في بعض البلدان أو المصارف الإسلامية الهيئات القانونية الاحترافية المختصة بالرقابة على عمل تلك المصارف وتحديد مكامن العيوب والقصور في عقود العمليات المصرفية وإجراءات تنفيذ تلك العمليات، وهذا ما يسبب ضرراً لأطراف تلك العمليات.

هل من المتوقع حدوث منازعات قانونية أمام القضاء طالما أن العـقود كما ذكرت تتضمن ثغـرات قانونية أو شرعـية؟

نعم إن هذا أمر متوقع بالتأكيد، حيث عند نظر القضاء للنزاع فإنه أول ما ينظر إلى أساس المعاملات التي على ضوئها تم حصول التمويل والتي منها على سبيل المثال وليس الحصر عقد البيع أو الإجارة أو الشراكة، وكذا الأمر فيما يتعلق بالوكالة أو الكفالة وأحكامهما، ومن المتوقع أيضاً نشوء نزاعات قانونية مستقبلاً مع ازدياد الحاجة للتمويل الإسلامي، ومع تنامي حجم وأصول المصرفية الإسلامية وما يترتب على ذلك من إمضاء وإجراء عـدد من العقود القانونية لتنفيذ عمليات التمويل، ففي (السودان) مثلاً يشوب نموذج عقد بيع المرابحة المعمول به لدى أحد البنوك عـدة عـيوب شكلية وموضوعية وثغرات قانونية، وذلك فيما يتعلق بصياغة العقد، وكذلك إغـفال نـقاط جوهـرية لها آثار قانونية مهمة على العقد، حيث يغفل نموذج عقد المرابحة المشار إليه ذكر مكان إجراء وإمضاء العقد وهذه نقطة جوهرية لمعرفة مكان مجلس العقد، وما قد يترتب على ذلك من آثار قانونية فيما يتعلق بالاختصاص وغيره، وكان الأولى أن يحدد مكان العقد وتاريخه بشكل دقيق وواضح.

كما يلاحظ في مقدمة نموذج عقد المرابحة المشار إليه أنها تشير إلى طلب شراء مقدم من الطرف المشتري إلى البنك لشراء بضاعة بطريقة غامضة حيث استعملت عبارة (بواسـطـته) لتـني (مـنـه)، وهي غير دقيقة المعنى وكلها لا داعي لها. كما أنه مذكور بأن طلب الشراء (الموقع بواسطته) فلا يُعلم من الذي مـوقعه هـل هـو البـنـك أم الـطـرف الثاني؟! وهذا خطأ قانوني فادح. كما يـلاحظ في صياغـة عـقـد المـرابحة المذكور أن البضاعة المـشار إليها في المقدمة لم تحدد بشكل تفصيلي وواضح، فكان يجب أن يشار إلى ذكر وتفصيل نوعها وعـددها ووصفها وصفاً وافياً في العقد أو يشار إلى ذكر تفصيلها الوارد إما في ملحق وإما في عقد الشراء أو طلب الشراء الصادر من المشتري. ومن المعلوم أن وصف المبيع وصفاً مانعاً من الجهالة أمر جوهري في عـقود البيع من الناحية الشرعية.

واللافت في نموذج العقد المذكور أنه يشير في أحد بنوده إلى احتمال فشل المشتري في استلام البـضاعة أو جـزء مـنها أو استلام المـسـتندات.. بينما أغفل تماماً تحديد آلية وتواريخ هذا الاستلام فكان الأولى أن يذكر أن آلية التسـليم تتم من خـلال خـطاب يُـرســل مـن البنك إلى الطـرف الـثاني يذكر فـيه تحـديد تاريـخ الاستلام أو أن يكون الاستلام بعـد أجل معـين من تاريخ كل خطاب، أو بدلاً من ذلك يذكر جدول وتواريخ التسليم حتى يوقع عـليها ويلـتزم بها المـشـتري. ومن المـثـير للعـجـب أن نموذج العـقـد المـشـار إليه ذكـر أن البضاعة تخزن لدى (الــبـنـك)، ومعلوم أن البنك ليس لديه مخازن وأن طبيعة عمله المصرفية تشكك في وجود مستودعات، وفضلاً عن ذلك فقد جاء العقد خالياً من ذكر مصاريف أو أجرة تخزين البضاعة خلافاً لما هو متعارف عليه.

وفي ظل كل هذه العيوب والشوائب التي تكتنف نموذج عقد المرابحة المشار إليه فإن هذا يجعل شبهة الصورية في هذا العقد قائمة، إذ إنه احتمال لا يمكن استبعاده وأن هذا العقد ربما يستعمل كغـطاء لدين بفائدة.


سبق أن أشرت إلى أن القصور والخلل لا يقتصران على الصياغة القانونية لتلك العـقود وإنما في التطبيق أيضاً.. بين لنا ذلك من خلال عـقد المرابحة هذا؟!

هناك عـدة ملاحظات تطبيقية على العقد المشار إليه ولا يمكن تجاهلها، إذ إنه ذكر في العقد أن تاريخ طلب الشراء هو نفسه تاريخ بيع البضاعة للمشتري وهذا غير معقول إذ يجب أن يكون طلب الشراء هو السابق ثم تأتي بعد ذلك موافقة البنك على هذا التعـميد ليقوم البنك بمخاطبة الجهة المالكة للبضاعة (الجهة المصدرة)، ولذلك هذان التاريخان يجب أن يكونا مختلفين بفترة زمنية، وإن دمجهما في يوم واحد يدل عـلى عـدم معـرفة وإدراك لكيفية تسلسل التعاملات القانونية. كما أن نموذج العقد يشير في أحد بنوده إلى حـق البنـك ببيـع البضاعة على حساب المشتري بالسعر الذي يحصل عليه وبالصورة التي يراها مناسبة.. وهذا النص وإن كان معمولاً به ويمكن أن يكون مقبولا كصيغة من صيغ الضمان إلا أنه يمكن أن يرفض عـند تطبيقه بالطريقة المذكورة في هذا البند لأن البضاعة في حقيقتها تعـد مملوكة للمشتري، وإذا كان الأمر كذلك فإن يد البنك على هذه البضاعة هي يد أمانة وعليه مراعاة القواعـد العامة الشرعية والقانونية بهذا الخصوص عند التصرف بأملاك الغـير.

ولمزيد من التفصيل بخصوص النقطة أعلاه فإن إدارة أي بنك من أجل أن تكون ناجحة في عملها عليها مراعاة الالتزام بالآلية الصحيحة في البيوع دفعاً للشبهة، وذلك من خلال الإعـلان عن البيع وعمل مزاد عليه وتحت إشراف جهة مهنية أو قانونية أو قضائية، لا سيما أن بيع البضاعة بطريقة قانونية يحقق مصلحة للبنك أولاً بالحصول على قيمة أعلى لضمان سداد الدين، وكذلك مصلحة للمدين بالوفاء بأكبر قـسـط من الـدين، وفـوق ذلك فإن تكاليف ورسـوم البيع يـمكن أن يتحملها المشتري الجديد للبضاعة بالمزاد وإن لم يمكن ذلك فإن المصاريف يتحملها المشتري. وفضلاً عن كل ذلك فإن نموذج العقد المشار إليه مشوب بعدة أخطاء وثغرات شرعية لا يتسع المجال الآن لعرضها. وكل هذا يجعل الحاجة ماسة لإعـادة صياغة ودراسة مثل هذه العـقود وصياغتها صياغة قانونية مهنية تراعى فيها الدقة والصواب وتـؤخذ في الحسبان الجوانب الشرعية والمصرفية، حيث يكون عقد المرابحة متكاملاً وخالياً من أية عـيوب أو شوائب، وتوضع آلية تنفيذ هذه العقود وإجراءات العملية المصرفية في إطار قانوني يحكمها ويؤمن سلامة تنفيذها وإتمامها.


هل من نماذج أخرى مشابهة لتلك الحالات؟

لا شـك أن حالات القـصور والثغرات القانونية في عـقود التمويل الإسـلامي لا تقتصر على بلـد عـربي معين ففي (مصر) أيضاً يمكننا ملاحظة مثل تلك الحالات من خلال تـتـبـُّـع مراحل عملية المرابحة لدى أحـد البنوك فيها وهي طلب شراء بضائع يستتبع بـعـقد وعـد بالشراء يحرره ويوقعه المشتري وانتهاء بعقد بيع المرابحة الذي يوقعه كل من المشتري والمصرف الإسلامي في الدولة العربية المشار لها.

ذكرت أن القصور في صياغة العقود ملاحظ بشكل لافت للانتباه في نموذج طلب الشراء في البنك الذي أشرت له بمصر!

هذا صحيح، فنموذج طلب الشراء في أحد البنوك في مصر الذي يوقعه المشتري فيه قصور في صياغته؛ حيث إنه يتضمن عـبارة (أعلن رغبته بشراء بضاعة تمهيدا لبيعها لنا بنظام المرابحة الإسلامية.. إلخ)، فهذا الإعلان غير ملزم لسبب جوهري هو خلو ثمن الشراء، وهو يتضمن الفرق بين شراء البنك وبيعه العميل، حيث إن المقصود التزام الأمر بالشراء بنظام المرابحة يجب أن يستند أولاً إلى قاعدة معرفة السعر الأصلي للبضاعة عند وجودها بالمصدر، وثانياً يجب معرفة القيمة المضافة التي يربحها البنك، ومن ثم تضاف للسعر وذلك لسبب أن نظام المرابحة قائم على مبدأ إعطاء البائع ربحاً محدداً يضاف إلى التكلفة الإجمالية.

ماذا عـن عـقود بيع المرابحة خليجياً وهل هذه العقود في حاجة لإعادة الصياغة؟

إنه بالاطلاع على نموذج عقد بيع بالمرابحة لدى أحد البنوك في دولة خليجية (قطر) وباستعراض جوانب الخلل القانونية فيه، فإن ما يلفت الانتباه في نموذج هـذا العقد أنه جاء خالياً من المقدمة وهي مهمة في جميع العقود عـموماً، وفي مـثل هذا العقد أكثر أهمية وذلك لارتباط هذا العقد باتفاق سابق، وكان الأولى أن يشار إلى الاتفاق الـسابق وهو (الوعـد بالشراء) بطريقة قانونية منظمة. ثم إنه من جهة أخرى، إذا كان هناك طلب للشراء (وعـد بالشراء) مؤرخ بتاريخ سابق عـلى عـقـد المرابحة يعـتبر (إيجابا) من المـشـتري لشراء البضاعة، فلا بد من إيضاح ذلك بطريقة واضحـة لا تقبل اللبـس أو الغموض وذلك من خلال المقدمة.

كما يظهر في البند الأول من نموذج العقد المذكور ورود عـبارة (الموقعان) بصيغة المثنى، وذلك عند الإشارة إلى وعـد الشراء، مع العلم أن وعـد الـشـراء حسبما يظهر وما هو معروف عادة يكون من طرف واحد وليس من طرفين. ثم إن البند الثالث من نموذج العـقد ينص بوضوح على أن البضاعة في حيازة البنك، بينما يظهر بوضوح الشك في حيازة البنك للبضاعة ووجودها تحت يد البنك بدليل أن البند السادس من نموذج العقد يوضح أن البضاعة ربما لم تصل بعد وأنها ليست في حيازة البنك، حيث تمت الإشارة إلى حالة امتناع مستقبلية من المشتري عن تسلم المستندات الخاصة بالبضاعة. ومن المعلوم أن البضاعة مع مستندات الشحن الخاصة بها يصلان في وقت واحد إلى الميناء أو المطار.


ما الحل بوجهة نظرك القانونية وكيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟

لا شك أنه من أجل نجاح المصرفية الإسلامية وحتى تحوز الثقة المطلوبة لدى عموم الناس، فإنه يفضل أن تكون اتفـاقيات وعـقـود التمـويل مـتوازنة بين الطرفـين (الـبـنـك أو المصرف الإسـلامي من جهة والعميل أو المتموّل من جهة أخرى)، وأن تكون هذه العقود محققة لمبدأ العدالة التي هي أساس وعـماد الشريعة الإسلامية، وذلك خلافاً لما لوحظ من كون عـدد كبير من العقود يتجه لصالح طرف معين ولا يراعي مصلحة الطرف الآخر، ومن المهم جدا كذلك تجنب الغموض وعـدم وضوح بنود العقد والحرص على أن تكون واضحة وصريحـة، حـيث لا تحتاج إلى الـتأويـل لأكـثـر من معـنى أو يصعب تفـسيرها بشكل جليّ، مما يـؤدي إلى ظهـور نزاعات بين الأطراف. كما أنه من الضروري أن يتم النص في عـقـود التمـويل على تحديد المرجعـية الحاكمة لنصوص العقد، وأن تكون ملتزمة بتطبيق شروط المتعاقدين. وأن تكون جميع بنود العقود قابلة للتنفيذ والتطبيق العملي. إضـافـة إلى ضرورة الأخـذ في الحسـبان عـند صياغة العـقـد ما إذا كان الأطراف من بلدان مختلفة، وما يتطلبه ذلك من ضمان آلية تنفيذ نصوص العقد أو تنفيذ أي حكم يصدر في أي نزاع يحصل بين أطراف العقد.

وإن الحل حسب وجهة نظرنا هو في إسناد عـقود التمويل المصرفي إلى جهات خبرة قانونية متميزة تجمع بين الفقه بالقانون والإلمام بالأحكام الشرعية لأصول المعاملات المصرفية والتي من أهمها وأبرزها أحكام البيع والإجارة والشراكة والوكالة والكفالة (الضمان)، وذلك لتعلق جميع عقود التمويل الإسلامي على واحد أو أكثر من هذه المعاملات الشرعية أعلاه، كما يضاف إلى ذلك أن العلم والإدراك بتفاصيل المعاملات من الناحية العملية والواقعية ضروري وجوهري حتى تتم الصياغة القانونية لتلك العقود وفي ضوء كل حالة من حالات التعاملات المصرفية مثل المرابحة أو الشراكة المنتهية بالتمليك أو التورق أو الإيجار المنتهي بالتمليك.

نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين

عقد البوت (B.O.T - Builde .Opert. Transfert )

عقد البوت  (B.O.T  -  Builde .Opert. Transfert )
الإنشاء والتشغيل والتحويل بنقل الملكية
للدكتور جمال الدين مكنـاس
الأستاذ في قسم القانون التجاري في كلية الحقوق بجامعة دمشق
 
 
أولاً ـ نشأة عقد البوت  وتعريفه :
1ـ نشأته :
إن تحديث البنى التحتية وبشكل خاص في مجالات النقل والاتصالات والخدمات مثل قطاعات المياه والكهرباء والمواصلات، يحتاج إلى الكثير من الخبرات والتقنيات الحديثة وكذلك المال الوفير لإقامة هذه المشاريع الضخمة. ولعدم قدرة الميزانية العامة للدولة على تمويل مشاريع طموحة بأقصر مدة ممكنة، وأمام ازدياد الدين العام وتوقف المصارف الكبيرة والدولية عن منح القروض، كان لابد من البحث عن أساليب بديلة لتمويل مشاريع البنى التحتية دون اللجوء إلى الاقتراض البيني التقليدي أو إلى زيادة الإنفاق الحكومي وتحميل الموازنة العامة مزيداً من الأعباء.
أمام هذا الواقع ظهر مفهوم تمويل المشاريع وبخاصة من خلال هيكلية الBOT " التشييد أو البناء والتشغيل أو الاستثمار والتحويل أو نقل الملكية " وذلك لتنفيذ مشاريع البنى التحتية ضمن مفهوم جديد، وقد ظهر هذا المفهوم أولاً في القطاع الخاص وبخاصة لدى الشركات الكبرى التي تطرح أسهمها في الأسواق المالية، ومن ثم انتقل إلى تمويل مشاريع الدول الغنية الكبرى والنامية؛ حيث نجد أن مشروع نفق بحر المانش ما بين انجلترا وفرنسا تم تنفيذه بنظام عقد BOT، وكذلك أنجزت في الولايات المتحدة بموجب هذا العقد مشاريع عديدة في مجال الطرق السريعة ومحطات الكهرباء وشركات الاتصالات والمؤسسات التعليمية والاجتماعية وحتى السجون.
2 ـ تعريفه :
عرفت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNICTRAL  عقد ال BOT في أبسط أشكاله الأساسية بأنه : " شكل من أشكال تمويل المشاريع تمنح بمقتضاه حكومة ما ـ لفترة من الزمن ـ أحد الاتحادات المالية ويدعى شركة المشروع امتيازاً لصوغ مشروع معين ؛ عندئذ تقوم شركة المشروع ببناء المشروع وتشغيله وإدارته لعدد من السنوات وتسترد تكاليف البناء وتحقق أرباحاً من تشغيل المشروع واستغلاله تجارياً، وفي نهاية مدة الامتياز تنقل ملكية المشروع إلى الحكومة ".
كما كانت هنالك العديد من التعاريف المقدمة من قبل بعض الحقوقيين وكان أغلبها ناقصاً، وأمام فشل هذه التعاريف كان لابد كحد أدنى من بيان المفاهيم الخاطئة لعقد ال BOT وإزالتها، ومن أبرزها أن ملكية المشروع تبقى للدولة التي منحت الامتياز، وفي حال انتقال الملكية للشركة الخاصة المؤسسة خصيصاً لإدارة المشروع فإننا نصبح أمام تقنية BOT . وأنه لابد من التمييز بين عقد الBOT  وبين العقود التي تبقى فيها المشروعات على ملكية الدولة كعقود تقديم الخدمات وعقود التزام الحكومة مقابل ثمن محدد وتبقى الحكومة مسؤولة عن المشروع ومخاطره التجارية.
وفي عقد التزام المرافق العامة تتعهد إحدى الشركات بأداء خدمة عامة للجمهور لمدة محددة عن طريق منحها ترخيصاً بذلك واستغلال المشروع مقابل الحصول على تعرفة محددة تتقاضاها من الجمهور مقابل هذه الخدمة، على أن تتحمل الشركة مخاطر تشغيل المرفق التجارية ( خدمة النقل العام في مدينتي دمشق وحلب ).
 
ثانياً – أطراف عقد ال BOT  :
1 – الأطراف الأصليين :
أ ـ الحكومة المضيفة : وهي إما جهة حكومية مانحة للترخيص وإما جهة حكومية متعاقدة مع شركة المشروع.
ب ـ شركة المشروع أو راعي المشروع : وهي ذلك الكيان الذي يشكله المستثمر الخاص لتنفيذ وتمويل وتشغيل المشروع طيلة فترة الترخيص، فهي صاحبة الامتياز لذلك المشروع.
  2ـ الأطراف التابعين :
أ ـ المقاول الأصلي : وهو الذي يتعهد تنفيذ المشروع بناءً على اتفاق مع شركة المشروع، فهو المسؤول عن إعداد وتصميم وتشييد وتوريد وتركيب المعدات اللازمة، وهو غالباً ناقل للتكنولوجيا خلال مرحلة التشغيل.
ب ـ المقاول من الباطن.
ج ـ الخبراء والاستشاريون.
د ـ الموردون.
هـ ـ الممولون : وهم جهات تمويل دولية ومحلية تقدم التمويل اللازم لتنفيذ المشروع، بموجب قروض تجارية أو قروض مضمونة بضمانات إضافية ( حصص مساهمة في شركة المشروع ).
 
ثالثاً ـ تمويل المشروع بموجب عقد الBOT :
1 ـ دور المصارف في تمويل المشروعات بنظام BOT  :
يعد نظام BOT أحد الآليات التي لاقت قبولاً وتأييداً ومساندة من البنك الدولي كإستراتيجية لزيادة الكفاءة من جهة وخفض الأعباء من الموزانة العامة في الدول التي تأخذ بهذا النظام، كما أنه يعمل على دعم وتنمية القطاع الخاص من جهة أخرى. ونتيجة تطور الجهاز المصرفي عالمياً ودخول المصارف التجارية والإسلامية إلى أنشطة مستحدثة واتساع آفاق التمويل، كان لابد من التوجه إلى آفاق جديدة في التمويل المصرفي. وقد لاقت المشروعات المنفذة بنظام BOT إقبالاً من المصارف نظراً لارتفاع أرباح المصارف من هذه المشاريع بالمقارنة مع غيرها من المشاريع التقليدية، كل ذلك بالرغم من المخاطر المرتفعة والمتعلقة بتمويل هذه المشاريع.
2 ـ الأوجه المختلفة لهيكلية تمويل المشاريع :
إن للهيكل الأساسية في تمويل المشاريع وجهان اثنان هما الأكثر شيوعاً : القرض والدفع من الإنتاج.
أ ـ القرض : يعد القرض التقليدي أول أنواع التمويل ويكون المقترض إما شركة قائمة ولها نشاط تجاري أو شركة أسست خصيصاً لتدير المشروع وبالتالي لا يوجد لديها ضمانات للحصول على قرض.
ويقدم القرض من مصادر عديدة : مؤسسات التمويل المحلية، المستثمرون، الوكالات المصدرة للائتمان. وفي بعض الأحيان الحكومة في الدولة المضيفة.
ب ـ الدفع من الإنتاج :
تقوم هذه الطريقة على تأسيس شركة خاصة من قبل الجهة الممولة أو المقرضة لشراء إنتاج المشروع من النفط أو الغاز أو الطاقة مثلاً من الشركة صاحبة المشروع، وبالتالي تتجنب الشركة المالكة للمشروع تقديم أي ضمانات أو حجوزات، وتقوم هذه الشركة الخاصة بشراء جميع أو نسبة معينة من إنتاج الشركة صاحبة المشروع وذلك حتى يتم تسديد قيمة القرض وفوائده.
 
رابعاً ـ الطبيعة القانونية لعقد ال BOT :
هنالك تيار عام في الفقه ذهب إلى اعتبار عقد الBOT نموذجاً جديداً من عقد الامتياز الإداري، وذهب آخرون إلى اعتباره عقداً يتعلق بمصالح التجارة الدولية، وسنحاول من خلال هذه المواقف تكييف هذا العقد.
1 ـ عقد ال BOT عقد امتياز إداري :
اعتبر فقهاء القانون الإداري أن نظام الBOT هو امتداد لفكرة تلزيم المشاريع العامة والتي تعود جذورها التاريخية إلى بداية نشوء فكرة الامتياز التي كانت تلجأ إليها الحكومات في ميدان تنفيذ الأشغال العامة وإدارة واستثمار المرفق العام ذو الطابع الصناعي والتجاري. ذلك أنه بموجب الامتياز يتم إناطة المشروع القائم بصاحب الامتياز لمدة طويلة من الزمن بمقابل مالي يدفعه للحكومة. أما بطريقة الBOT فإن تعويض المتعاقد ( راعي المشروع ) يكون من خلال رسوم أو تعرفات تفرض على مستخدمي المشروع أو المنتفعين به.
وقد أيد القضاء الإداري اللبناني هذا الموقف بقراره رقم 638 لعام 2001 الذي نص على أن :
 " عقد ال BOT المبرم بخصوص الهاتف الخليوي عبارة عن عقد إداري لاستثمار امتياز محدد واعتبر الشرط التحكيمي الوارد فيه باطلاً لأن القانون اللبناني يحظر التحكيم في العقود الإدارية ".
على أن هذا الموقف ينتقد لجهة أن عقد الBOT يختلف عن عقود الامتياز لجهة أسلوب التمويل وطريقة الدفع المالي وأسلوب التعاقد وإلزامية البناء على حساب الممول. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، ماذا بقي من هذه المشاريع لاعتبارها حق امتياز ؟.
   باستثناء عقد الامتياز الذي يعد جزءاً من مجموعة العقود المحققة لمشروع الBOT فإنه لا يوجد قاسم مشترك بين عقود امتياز مرفق عام ومشروع ال BOT. وبصورة عامة، فإن عقد الامتياز أو الترخيص بإنشاء مرفق عام واستثماره يعد أهم عنصر من حزمة عقود الBOT التي تهدف إلى إنشاء بنيةٍ تحتية في دولة ما واستثماره وإعادته للدولة، ولكن لا يمكن اختصار مشروع الBOT بأحد عقوده وإن كان  أكثرها أهميةً.
2 ـ عقد ال BOTعقد دولة يتعلق بمصالح التجارة الدولية :
انتقد بعض الفقهاء ومنهم الدكتور رئيف خوري اعتبار عقد الBOT عقد امتياز إداري وبين الفروق الخمسة الجوهرية بين عقد الامتياز الإداري وبين عقد الBOT معتبراً أن عقد الBOT هو عقد دولة يتعلق بمصالح التجارة الدولية. وتتمثل هذه الفروق بما يلي :
أ ـ اختلاف المناخ القانوني لعقود ال BOTباعتبارها ذات منشأ انكلوسكسوني لا يعترف بوجود عقود إدارية مميزة عن العقود العادية.
ب ـ في عقود الامتياز تملك الإدارة حرية اختيار المتعاقد معها بينما تصبح هذه الحرية مقيدة في عقود الBOT.
ج ـ تفقد الدولة امتيازات السلطة العامة عندما تعمل وفق نظام الBOT بينما تحافظ عليها في عقود الامتياز الإداري.
د ـ عدم توفر كافة معايير الامتياز الإداري لاستثمار مرفق عام في هيكلية الBOT.
هـ ـ اختلاف أساس المبادئ العامة لعقد الامتياز الإداري وبخاصة لجهة التوازن المالي والسلف والضمانات والتعرفة المطبقة في عقود الامتياز الإداري عن تلك الموجودة في عقود الBOT.
 وبناءً على هذه الفروق فإن عقود الBOT هي عقود دولية تتعلق بمصالح التجارة الدولية حتى ولو كان أحد أطرافها شخص قانون عام. وقد أيد الدكتور سامي منصور هذا الموقف بقوله :
 " إن الدولة وأشخاص القانون العام تبرم عقوداً إدارية داخلية وعقوداً إدارية دولية ".
إلا أن يجب أن نلاحظ أن ليست جميع عقود الBOT هي عقود دولية وخاصةً في الدول الغربية، حيث تكون، غالباً ‘ الشركات المشكلة للتجمع لتنفيذ هيكلية الBOT من نفس جنسية الدولة التي تعمل فيها، بحيث تنتفي عن العقد الصفة الدولية. كما أن هذا التكييف لا يساعد على معرفة النظام القانوني الذي تخضع له العقود المبرمة وفق هيكلية الBOT.
3 ـ تكييف عقد الBOT :
في الواقع يتكون نظام الBOT من مجموعة من العقود يجمعها وحدة الهدف الاقتصادي والتي من خلالها يمكن تحديد الطبيعة الحقوقية له.
فإذا راجعنا عدد العقود التي تبرم لتنفيذ مشاريع البنية التحتية وفق هيكلية الBOT لوجدنا أن هنالك :
عقد الامتياز أو الترخيص الحكومي.
الوثائق المتعلقة بملكية الأرض
اتفاقيات التعاون المشترك أو المخاطرة المشتركة بين راعي المشروع ومجموعة الشركات التي ترعاه في حال وجودها.
عقد الشركة والأسهم والشركاء.
عقد الإدارة في حال وجودها
عقود البناء والعقود الثانوية.
عقود القرض والتمويل والرهن.
عقود التأمين.
كفالة حسن التنفيذ ( خطاب ضمان حسن التنفيذ ).
عقود التوريد.
عقود البيع المستقبلي في مشاريع الإنتاج.
عقود النقل. إضافةً إلى عقود أخرى قد تتطلبها طبيعة المشروع ومجاله.
    هذه المجموعة من العقود تتحد بوحدة الهدف الذي يشكل الأساس القانوني لتكييف عقد الBOT وبالتالي لا يمكن فصل كل مرحلة من مراحل البناء والاستثمار ونقل الملكية عن الأخرى لتكييف هذا النظام، إذ ل امجال لاعتبار كل مرحلة وحدة قانونية مستقلة. كما أن اختصار عقود الBOT في عقد واحد هو عقد استثمار مرفق عام والمعتمد من فقهاء القانون الإداري لا يتناسب مع إقرارهم بضرورة أن تعمل الحكومات على إيجاد مناخ قانوني يتناسب مع شروط ومتطلبات الاستثمار الخاصة الطويلة الأمد والعمل على توفير الأسس التشريعية الملائمة بتبني القوانين اللازمة المتعلقة بهذا النوع من العقود.
وكما ذهب زملاؤنا ومنهم الدكتور موسى متري نقول بأنه لابد من دراسة هذه العقود من قبل الفقه والقضاء واعتبارها عقود تمويل متحدة بوحدة الهدف الاقتصادي، ولا يمكن إسنادها إلى عقد مسمى وإنما لا بد من إعمال مبدأ العقد شريعة المتعاقدين وبحيث تشكل مجموعة العقود المؤلفة لعملية الBOT القانون الوحيد لكافة الفرقاء.
 
خامساً ـ  مراحل تنفيذ المشروع :
أ ـ مرحلة تحديد المشروع واختيار المستثمر :
 وتتضمن هذه المرحلة الجهة الحكومية التي ستتعاقد والجهة الحكومية مانحة الترخيص والمستثمرون. ويتم دراسة فائدة المشروع وكيفية تمويله، وإعداد دراسات الجدوى التمهيدية للمشروع من حيث الجدوى الفنية والاجتماعية والمالية والاقتصادية والسياسية للمشروع.
ب ـ مرحلة  إعداد مستندات العطاء أو المناقصة :
 وتشمل تحديد المستندات الخاصة بالجوانب الفنية للمشروع وكيفية مساندة الحكومة ودعمها للمشروع والخبرات المتوفرة لدى الشركات المستثمرة. وبعدها تبدأ عملية تقييم العطاء واختيار شركة المشروع أي اختيار أحد المتناقصين وإبلاغه بقبول عرضه، من خلال التقييم الفني والتعاقدي العام والإداري للعرض المقدم من المشاركين بالمناقصة.
ج ـ مرحلة توقيع اتفاقية المشروع وملحقاتها :
 أطراف هذه المرحلة هم : الجهة الحكومية المتعاقدة من جهة والمساهمين وشركة المشروع ومؤسسات التمويل والمقاول والمورد وشركات التأمين من جهة أخرى.
د ـ مرحلة تشييد وتنفيذ المشروع :
  بعد أن تحصل شركة المشروع على التراخيص اللازمة للبدء في عملية تنفيذ المشروع تبدأ بعملية تشييد المشروع تحت إشراف جهة الإدارة لضمان مطابقة المشروع للمواصفات الفنية التي حددتها اتفاقية المشروع، وتنتهي هذه العملية بإتمام تنفيذ المشروع وتسليمه إلى شركة المشروع من مقاول المشروع التابع لشركة المشروع.
ه ـ مرحلة تشغيل المشروع :
 وتتضمن تشغيل المشروع طيلة فترة الامتياز المحددة في اتفاق الامتياز بين الجهة الإدارية والمستثمر. ويتم تشغيل المشروع إما عن طريق شركة المشروع أو شركة متخصصة وهو الغالب، وذلك وفقاً لشروط اتفاقية الترخيص. كما تلتزم شركة المشروع بصيانة المشروع مباشرة أو تعهد إلى شركة صيانة متخصصة للقيام بذلك. وتقوم شركة المشروع بتحصيل الدخل من المشروع لتغطية نفقات رأس المال وفوائد القروض على المشروع .
و ـ مرحلة انتهاء الترخيص ونقل الملكية إلى الجهة الإدارية :
  مع انتهاء فترة الامتياز، والتي تكون كافية لتشغيل المشروع وسداد القروض وكذلك الحصول على الربح، تبدأ شركة المشروع بإجراءات تسليم المشروع إلى الحكومة، والتي تقوم بدور كبير للتأكد من أن المشروع بحالة جيدة والصيانة كانت تتم بشكل دوري ومنتظم ومن أن الكوادر المحلية قد أصبحت من الخبرة تسمح لها بتشغيل المشروع بنفسها.وكذلك لا بد أن تتأكد الجهة الإدارية من أن عملية نقل التكنولوجيا قد تمت بالصورة اللائقة.
  على أنه قد تجد الحكومة أن من مصلحتها استمرار المشغل أو شركة المشروع في أعمال تشغيل وصيانة المشروع فتجدد مدة اتفاق المشروع أو تمنح التشغيل إلى مقاول آخر من القطاع الخاص وضمن شروط مالية جديدة تعود بالمنفعة على الحكومة عادة.
2 ـ الهيكل الاتفاقي المنبثق عن التعاقد :
  ويتضمن اتفاق الترخيص الذي هو نقطة انطلاق المشروع وأساس أي بنيان تعاقدي لاحق لتنفيذ المشروع ويتضمن تحديد حقوق والتزامات الأطراف المعنية. ويتفرع عنه عقود واتفاقات أخرى أبرزها عقد المقاول وعقد التمويل واتفاقية توريد الطاقة لتشغيل المشروع وتحديد سعرها واتفاقية شراء الخدمة من شركة المشروع واتفاقية التشغيل والصيانة....
 
سادساً ـ آثار عقد الBOT
يترتب على العقد بنظام ال BOTآثار تتمثل في حقوق والتزامات طرفي العقد وتمتد كذلك إلى المنتفعين.
1 ـ حقوق والتزامات الدولة المضيفة :
أ ـ حقوقها :
1 ـ حق الرقابة على إنشاء وإدارة المشروع، دون أن يصل هذا الحق إلى تحويل الإدارة المباشرة للحكومة.
2 ـ حق الإدارة في استرداد المرفق قبل نهاية مدة العقد على أن يتم تعويض الملتزم تعويضاً مناسباً.
3 ـ حق الإدارة في توقيع جزاءات على المتعاقد معها إذا أهمل أو قصر أو تأخر في التنفيذ. وتتمثل هذه الجزاءات في غرامات التأخير وفي الجزاءات الضاغطة كسحب العمل من المقاول المقصر وتنفيذه على حسابه ومسؤوليته، أو في الشراء على حساب المتعاقد بالنسبة لعقد التوريد أو فرض الحراسة على المرفق في عقد الامتياز.
ب ـ التزاماتها : يتوجب على الجهة الحكومية ما يلي :
1 ـ أن تعمل على جذب وتشجيع الاستثمار من خلال تذليل العراقيل التي تحول دون تنفيذ العقد.
2 ـ أن تعمل على توفير البيئة المناسبة للاستثمار من خلال مراجعة تشريعاتها وإصدار التشريعات التي من شأنها جذب الاستثمار.
3 ـ توفير البيئة الإدارية المناسبة من خلال إلغاء كافة المعوقات والأساليب البيروقراطية المعقدة والمعرقلة للاستثمارات الخاصة.
4 ـ تقديم الحوافز والإعفاءات الضريبية والمساهمة في رأس مال المشروع.
 2 ـ حقوق والتزامات شركة المشروع :
أ ـ حقوقها :
1 ـ حق شركة المشروع في الحصول على المقابل المالي من المنتفعين أو من الحكومة.
2 ـ حق شركة المشروع في استلام أرض المشروع وعدم التعرض لها وفي الحصول على التراخيص وتزويدها بالمياه والكهرباء والهاتف وحقها في إدخال العمال الأجانب والاستعانة بالموردين وإدخال المواد اللازمة للمشروع.
3 ـ حق شركة المشروع في ضمان التوازن المالي والاقتصادي للعقد، ذلك أنه يجب على الإدارة أن تضمن التوازن بين حقوق الملتزم وواجباته وجبر الأضرار التي يتعرض لها ليتمكن من الوفاء بالتزامه في تقديم الخدمة إلى المنتفعين.
بالتزاماتها:  تلتزم شركة المشروع بما يلي :
1 ـ تصميم وإنشاء وتمويل المشروع.
2 ـ تشغيل المشروع وصيانته مع مراعاة كافة نظم وقواعد الأمان وذلك بشكل منتظم وعلى أحسن صورة.
3 ـ تقديم الضمانات الدالة على حسن وجدية التنفيذ من خلال تقديم كفالات (خطابات الضمان) غير مشروطة لحسن تنفيذ التزاماتها المتعلقة بتصميم وإنشاء وتشغيل وإدارة المشروع ثم نقل ملكيته للدولة.
4 ـ احترام المدة المحددة لتنفيذ العقد ومواعيد تقديم الخدمات محل عقد الامتياز عند تشغيل المشروع.
3 ـ حقوق والتزامات المنتفعين اتجاه الإدارة والملتزم :
يستمد المنتفعون من عقود الـ BOT حقوقاً مباشرة اتجاه طرفي العقد.
أ ـ اتجاه الإدارة : يلتزم المنتفعون من المشروع بإخطار الإدارة عن أي ملاحظات من شأنها تفعيل دور المشروع وكذلك عليهم المحافظة على موجودات المشروع. وبالمقابل يحق لهم مطالبة الإدارة التدخل لإجبار الملتزم باحترام شروط العقد، وكذلك المطالبة بالحصول على المنفعة المقررة في عقد الامتياز.
ب ـ  اتجاه شركة المشروع : يلتزم المنتفعون اتجاه شركة المشروع بدفع الرسوم المقررة مقابل الخدمة كما هي معلنة، وبذل العناية الكاملة للحفاظ على المرفق.
وبالمقابل من حقهم مقاضاة الملتزم في حال إخلاله بشروط العقد وحقهم في الانتفاع من خدمات المرفق.
 
سابعا ًـ تسوية المنازعات الناشئة عن عقد الـ BOT :
1 ـ وسائل التسوية غير القضائية :
أ ـ المفاوضة : وهي تعني اتصال أو حوار مباشر بين طرفين أو أكثر للوصول إلى اتفاق نهائي وإبرام عقد معين.
ب ـ الوساطة : وهي عملية مستقلة يقوم فيها طرف ثالث محايد بدور الوسيط كمحاولة لحل النزاع عن طريق المفاوضة، ولها قدراً من الخصوصية والسرية، ويكون قرار لجنة الوساطة ملزم للطرفين.
ج ـ التوفيق  : وهي وسيلة من وسائل تسوية المنازعات الدولية بمقتضاها يلجأ طرفا النزاع إلى لجنة معينة من قبلهما والتي من شأنها العمل على إيجاد شروط لتسوية المنازعات يمكن أن يرتضيها الطرفان، وقرار اللجنة ليس ملزماً وإنما هو إجراء تمهيدي لتسوية النزاع.
د ـ الخبرة : وهو إجراء لتقييم النزاع من خلال خبير أو أكثر يضع تقريراً حول النزاعات في المسائل الفنية حيث يشير إلى أنسب وأصح الإجابات الفنية الحاسمة. وفي منازعات الBOT يتم تبني رأي وتقرير الخبير كقرار نهائي وإثبات ملزم، حيث أن له الصبغة والصفة الإلزامية بالرغم من كونه حلاً مؤقتاً.
 2 ـ وسائل التسوية القضائية :
أ ـ وسائل التسوية القضائية الداخلية :
ويقصد بها اللجوء إلى القانون القضاء الوطني لحل المنازعات، وهو حل لا يجد قبولاً من المستثمرين من جهة وصعب التطبيق لاختلاف المركز القانوني لأطراف النزاع من جهة أخرى.
ب ـ التحكيم التجاري :
يعد التحكيم التجاري الدولي طريقة هامة لحل المنازعات وفيها يختار الأطراف قاضيهم إما مباشرةً أو عن طريق وسيلة أخرى يرتضونا.
ويتم اللجوء إلى التحكيم إما بموجب شرط التحكيم وهو بند يرد في العقد الأصلي موضوع النزاع، وإما بموجب مشارطة أو صك التحكيم وهو اتفاق مستقل عن العقد الأصلي ؛ والتحكيم إما أن يكون عرضياً يتناول حالات خاصة يتفق الطرفان على الإجراءات الواجبة الاتباع بما في ذلك كيفية تشكيل هيئة التحكيم.وإما أن يكون نظامياً أو مؤسسياً، وفيه يعهد إلى إحدى الهيئات الدائمة للتحكيم كغرفة التجارة الدولية بباريس أو محكمة التحكيم بلندن للتحكيم فيما قد ينشأ بين الأطراف من منازعات.
  ونشير إلى أنه إذا كانت الدولة أحد أطراف النزاع فلا بد من حصول موافقة على العقد وعلى شرط التحكيم من السلطة المختصة بالدولة.
                                        الدكتور جمال الدين مكنـاس
                     الأستاذ في قسم القانون التجاري في كلية الحقوق بجامعة دمشق
 

طلب إنشاء شركة مساهمة مصرية

نموذج تأسيس شركة مساهمة مصرية نموذج تأسيس شركة مساهمة مصرية ...