عقد الفاكتورينج أو شراء الديون Factoring Contract



عقد الفاكتورينج أو شراء الديون Factoring Contract
عقد الفاكتورنج
-
تعريفه
عقد الفاكتورنج هو عقد شراء الديون التجارية (Factoring Contract)، بشكل مُبسَّط ،ينص على التزام الدائن بأن يُقدّم لمؤسسة الفاكتورنج كافة فواتيره وديونه التجارية المترتبة له بذمة مدينيه، فتقوم هذه المؤسسة بانتقاء الفواتير والديون التي ترى إمكانية في تحصيلها أو عدم تعرضها كلياً لمخاطر عدم تسديد المدين (تبعاً لعدم مصداقيته، أو لضعف وضعه المالي والتجاري، أو عجزه كلياً أو جزئياً عن تسديد الدين فى تاريخ استحقاقه). فإذا وافقت مؤسسة الفاكتورنج على كل أو بعض تلك الديون، تقوم بشرائها لقاء تعجيل قيمتها للدائن قبل تاريخ استحقاقها، مقابل نسبة معينة من تلك الديون، وحقها في الحلول محل الدائن تجاه مدينيه، وضمان عدم الرجوع على الدائن في حالة عدم التحصيل، إضافةً إلى تقديم بعض الخدمات الإدارية والقانونية والمعلوماتية لمصلحة الدائن.
إذن هذا العقد هو اتفاق بين مؤسسة مالية (مؤسسة أو شركة الفاكتورنج الفاكتورايزور) مع عميلها (المعروف بالفاكتورايزي)، يقدّم بموجبه هذا الأخير كافة الفواتير والسندات المالية التي يملكها إلى الشركة التي يحق لها اختيار الفواتير والسندات التي ترى إمكانية استيفائها، مقابل تعجيل قيمتها للعميل (الفاكتورايزي)، وتتحمل مخاطر عدم وفاء المدين، من دون الرجوع على عميلها (الفاكتورايزي)، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك صراحة أو في الحالات المتفق عليها والمحددة في العقد.
عقد الفاكتورنج يساهم في نمو النشاطات التجارية
هكذا يتم شراء الديون وتحصيلها
لمحة تاريخية
عرفت عقود الفاكتورنج في الولايات المتحدة الأميركية، ثم أنشئت بعد ذلك شركات متخصصة في تطبيق نظام الفاكتورنج في الدول الأوروبية. أما الظهور الرسمي للفاكتورنج في فرنسا فيعود تاريخه إلى سنة 1965.
وتشير التقديرات الإحصائية الى أن عدد مؤسسات الفاكتورنج في فرنسا عام 1968 بلغ 14 مؤسسة أو شركة، أخذت على عاتقها مليوني دين، بقيمة 26 مليار فرنك فرنسي.
وفي نهاية عام 1994 وصل عددها الى 23 مؤسسة وشركة، أخذت على عاتقها سبعة ملايين و ستمائة ألف دين، بقيمة 128.7 مليار فرنك فرنسي، بينها 7% تقريباً على الصعيد الدولي. وفي عام 2000 ارتفع عدد مؤسسات وشركات الفاكتورنج الى 25 مؤسسة أو شركة اهتمت بأكثر من 60 مليار يورو، بينها 20% تقريباً على الصعيد الدولي و80% على الصعيد الداخلي الفرنسي.
كما انتشر عقد الفاكتورنج على صعيد التجارة العالمية، وفي عام 1988 تمّ توقيع اتفاقية دولية لتوحيد القواعد القانونية والتنظيمية لعمليات الفاكتورنج الدولية، هي اتفاقية أوتاوا للعام 1988.
الأركان القانونية لعقد الفاكتورنج
يعتبر عقد الفاكتورنج من العقود الرضائية التي تتطلب الإيجاب والقبول لانعقادها وفقاً للقواعد العامة للعقود فى القانون المدني. ويتجلى الرضا في العقود باجتماع العرض والقبول. إلا أن هذا المبدأ لم يأتِ مطلقاً، فقد يخضع عقد الفاكتورنج، في بعض الحالات لبعض الشروط الشكلية كشرط الكتابة. إلا انه بالرغم من عدم وجود نص صريح يفرض إفراغ عقد الفاكتورنج في شكل معين، فمن الضروري كتابة هذا العقد من أجل إظهار جميع شروطه المتعددة والدقيقة بشكل واضح وصريح. وإذا كان عقد الفاكتورنج لا يعتبر من العقود الشكلية، ولا يوجد جزاء على تخلّف كتابته، فإن العرف والضرورات العملية استقرت على أهمية كتابة عقد الفاكتورنج. وتعتبر الكتابة إحدى وسائل إثبات عقد الفاكتورنج وفقاً للقواعد العامة في الإثبات.
وإذا كان عقد الفاكتورنج لا يخضع لشروط شكلية معينة بوجه عام، إلا أنه يخضع للشروط الشكلية التي تفرضها عملية انتقال الحقوق أو الديون من الدائن الى مؤسسة الفاكتورنج، مع الحفاظ على وجوب أن تكون عملية الانتقال بسيطة وسريعة وصحيحة. ومثال على ذلك، عندما يكون موضوع عقد الفاكتورنج سندات تجارية؛ كسند سحب (كمبيالة) أو سند لأمر، فهو قابل للانتقال بطريق التظهير، وفقاً لمواد قانون التجارة. والشروط الشكلية لانتقال سند السحب أو الكمبيالة هي الشروط القانونية الشكلية لصحة التظهير، وهي: أن يُكتب التظهير على سند السحب أو على ورقة ملصقة به، أي على ورقة إضافية، كما يجب أن يكون التظهير مشتملاً على توقيع المظهر وفقاً لمواد قانون التجارة، سواءً أكان تظهيراً اسمياً أم لحامله أم على بياض.
كذلك، يجب أن تتوافر في عقد الفاكتورنج الأركان الأساسية العامة الواجب توافرها في سائر العقود من أجل اعتباره ناجزاً وصحيحاً. فعقد الفاكتورنج، يجب أن تتوافر فيه الشروط الموضوعية، وهي: الرضا والأهلية والموضوع والسبب.
طرفا عقد الفاكتورنج
إنّ طرفي عقد الفاكتورنج هما: المؤسسة المالية التي تشتري الديون، وتسمى الفاكتورايزور (Factorizor)
والطرف الثاني وهو الدائن بائع الديون، ويسمى الفاكتورايزي (Factorizee). أما المدين للدائن بالديون التي ستصبح موضوعاً لعقد الفاكتورنج، فلا يعتبر طرفاً في هذا العقد. وبذلك يتبين أن عقد الفاكتورنج هو عقد ثنائي الأطراف في عملية الفاكتورنج الثلاثية الأطراف.
ـ الفاكتورايزور (مشتري الديون) :
يلعب دوراً أساسياً في عملية الفاكتورنج؛ إذ يعتبر الطرف المموّل في هذه العملية لقيامه بشراء الديون غير المستحقة وتعجيل ثمنها فوراً للفاكتورايزي الدائن. فلا يستطيع القيام بمهمة ودور الفاكتورايزور سوى المؤسسات المالية الضخمة التي تتخذ عادة شكل المؤسسات المالية أو الشركات التجارية المساهمة. وقد قصر القانون الفرنسي (تاريخ 21/11/1993)، مزاولة نشاط الفاكتورنج على الشركات التي تعتمد نظام المصارف، وقضى بتجريم الأشخاص والمؤسسات التي تمارس هذا النشاط من دون الحصول على الترخيص المسبق من اللجنة المصرفية. وقد سارت الدول الأوروبية الأخرى على هذا النهج في حصر ممارسة نشاط الفاكتورنج بالمؤسسات المالية المرخص لها بذلك قانونياً.
أما في القوانين العربية، فلم يضع المشرع، حتى الآن، قانوناً خاصاً بعقد الفاكتورنج. إلا أن هذا لا يعني إطلاق الحرية الكاملة في ممارسة نشاط الفاكتورنج من دون قيد أو شرط.
فانه يتضح أن عملية شراء الديون (الفاكتورنج) محصور القيام بها من قبل المصارف والمؤسسات المالية الخاضعة لقانون النقد والتسليف.
وتخضع هذه المؤسسات لشروط شكلية خاصة لتأسيسها، ولشروط خاصة بممارسة أعمالها. الا انه جرت العادة على حصر حق ممارسة نشاط الفاكتورنج بالشركات المغفلة التجارية، واستبعد الأشخاص الطبيعيين من عداد الفاكتورايزور (مشتري الديون) في عقد الفاكتورنج، وذلك بهدف حماية المشاريع التي تتعامل معها. كما يجب أن يكون الفاكتورايزور أو مؤسسة الفاكتورنج من الغير بالنسبة للدين موضوع عقد الفاكتورنج؛ أي أجنبياً عن العلاقة الأساسية التي تربط الفاكتورايزي بالمدين.
-
الفاكتورايزي (بائع الديون) :
إذا كان الفاكتورايزور (مشتري الديون) يلعب دوراً أساسياً في عقد الفاكتورنج، فإن الفاكتورايزي (بائع الديون) هو الطرف الأساسي في هذا العقد، لأنه هو الذي يطلق الشرارة الأولى بتقرير حاجته الى بيع ديونه التجارية المترتبة على مدينيه. ولم يضع القانون الفرنسي (وهو القانون الذي استقى المشرع السوري نصوص مواده) شروطاً خاصة للفاكتورايزي إذا كان شخصاً معنوياً أم شخصاً طبيعياً، لكنه اشترط أن يتعلق عقد الفاكتورنج بنشاطه المهني، من دون تفرقة بين تاجر وغير تاجر. ويلاحظ الفقهاء الفرنسيون أن الفاكتورايزي (بائع الديون التجارية) يكون عادة من المؤسسات الصغيرة أو المتوسطة الحجم، لأن هذا النوع من العقود يتلاءم مع الأعمال المتوسطة الحجم، ويلبي حاجاتها.
بالنهاية لا بد إلى أن نشير إلى أن أي توسع في الأعمال التجارية في أي مجتمع معاصر يؤدي إلى ظهور وسائل وعقود قانونية جديدة تمليها إرادة الأطراف ثم لا تلبث إلا أن تكون عقود لها قوالبها الخاصة أو شروطها الشكلية التي تفرضها ظروف تلك التعاملات في حينه.
ومن عقدنا الحالي المسمى بعقد الفاكتورنج الذي يعتبر وسيلة وأداة عامة ومبتدعة تؤدي إلى إلزام الفرد في المجتمع إلى احترام ديون الفرد الأخر وحساب النتيجة النهائية والتي مؤداها التزام الأطراف بالديون المترتبة عليهم.أي وجوب احترامها وأدائها حفاظا على المبادئ الأساسية التي يبتغيها المجتمع في حفاظه على أركانه من خلال حفاظه على الائتمان العام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحميل مئات الكتب القانونية: 379 كتاب في القانون المدني- تحميل مباشر

القانون المدني الفرنسي نسخة 2019

المنشورات والكتب الدورية للشهر العقاري